المشاركات

عرض المشاركات من يناير, 2025

أبية الريح - حياة من نور | الباقر العفيف

صورة
  ______________________ "إنما نحن أفكارنا وعقيدتنا ومبادئنا، ولكن هذه الأفكار التي نحملها قد تصبح ثقيلة على صدورنا إذا لم تكن مصحوبة بالعمل والمثابرة." كان هذا أحد أوجه فكر الدكتور الباقر العفيف، الذي رحل عن عالمنا تاركًا وراءه سيرة مشرفة تليق بمن عاش من أجل الكرامة الإنسانية، يغيب عنا رجل كان لوجوده أثر عميق في حياتنا السياسية والفكرية، ترك بصمات لا يمكن طمسها. كان الباقر العفيف أحد أولئك الذين لا تنحصر حياتهم في زمن أو مكان معين. هو ابن الأرض السودانية، نشأ في "الحوش" التي تكمن في عمقها هوية طافحة بكل ما هو سوداني أصيل، وفي الوقت ذاته كان أفقًا منفتحة على آفاق العالم. من جامعة الخرطوم إلى رحلته التعليمية في المملكة المتحدة مرورًا بمسيرته الفكرية الغنية التي الفكرة الجمهورية، حمل الباقر العفيف رؤىً لا تشبه أي رؤى أخرى .. رؤى مستنيرة لا تتوقف عند حدود الزمان والمكان بل تتجاوزهما لتشمل عوالم من الفكر والإنسانية. قضى الباقر سنواته في خدمة قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، شغوفا دائمًا بالنضال ضد الظلم والاستبداد. كان رجلًا لا يهاب الحقيقة ولا يركن إلى الراحة في سبيل ...

أبية الريح - بين الدنيا ونور الروح

صورة
حين يشرع الإنسان في مسيرته في الحياة، يتخطى الدروب ويشيد الآمال، تكون رغباته في البداية موجهة إلى ما هو مادي، ملموس، زائل، يظل يسعى وراءها دون أن يعي أن تلك الرغبات ما هي إلا سراب يسحر البصر ويضل الطريق. ففي اللحظة التي يتحقق فيها مراده الدنيوي، يعود ليكتشف أنه ليس سوى ركام من حلم قد تحطم على أرض الواقع. تلك الرغبات التي كانت يومًا أحلامًا منقوشة سرعان ما تذبل وتذوي بمجرد أن يتم الوصول إليها. يُشبع الإنسان حاجته المؤقتة لكنه يظل في فراغ يزداد اتساعًا بعد كل إشباع وكأنما الحقائق الكبيرة لا تكون دومًا في متناول اليد وإنما في الآفاق البعيدة التي تظل تلاحقنا بينما نسعى خلف ما في أيدينا. لكن الإنسان لا يبقى أسيرًا لهذه المتعة العابرة بل سرعان ما تبدأ نفسه في التوق إلى شيء أبعد شيء يتجاوز الحدود التي رسمتها له رغباته المادية. يبدأ في أن يدرك أن هناك فراغًا روحيًا وهو في أشد الحاجة إلى أن يُملأ. هكذا يبدأ سعيه نحو ما هو أسمى الروحانية، الإيمان، الطمأنينة التي لا تأتي من تكديس الثروات ولا تحقيق الرغبات العاجلة وإنما من البحث عن القرب من خالقه، والتوحد مع الوجود في حقيقته ولكن هذا السعي ليس ب...

الجميل الفاضل - الحاجة ستونة والكمبو كمبونا

صورة
        (1) يا حاجة ستونة جهدية يوم جونا كان شفتي "مريومة" مرميه مغبونه دقوها دقونا في حتة مركونه جواها معجونه بي مويه من الله  جات نازله زي مطره والمطره محزونة        (2) يا حاجة ستونة أدونا أدونا  أدونا فندقكم ندق ونديكم  تدقوا تدونا تدونا ليمونة نمص ونديكم تمصوا تدونا قرفنا قرفونا والله قرفونا       (3)  يا حاجه ستونة جهديه يوم جونا ستفنا سدونا سددنا مرقونا يا حاجه زازونا حجينا بالنقاط نقطنا ما نسونا في حلة اللقاط والكمبو كمبونا بالنقطة عدونا بالشولة شدونا شرونا، فرونا فرونا، لمونا في الجابره ختونا والكمبو كمبونا           (4) جهدية يوم جونا يا حاجة ستونة كبرنا كبونا في لمحة ودونا في الترعة كبونا  كبونا بي سرعة يا ترعة دمك زاد زاد البلد كفوات لموها زي الفات تخزين لجان "القات" أدي الظليم إفلات غتغت علي الفاتن وشجع علي الجايات          (5) الموز أبو نقطات نقط علينا الدم شرانا في البلدات طول علينا الليل ليل الحزن يا "نبيل" ليلا طويل بلحيل كم جانا بالغفلات طمن...

الجميل الفاضل يكتب:سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟!

صورة
  أربعينية "محمود"، هل تصبح ميقاتا لخروج "السودان" من التيه؟! وما أدراك ما التيه؟! شرط الخروج منه، المعرفة بطريقة التغيير!! أربعون عاما مضين واليوم أنقضين، علي رحيل الأستاذ محمود محمد طه، عن دنيا الناس هذه، شهيدا وصديقا، تحقق بصورة إنتقال بديعة للغاية، تحلي فيها بثبات الإنفعال، في موقف تهتز له الجبال، متصدقا علي أصدقائه وعلي أعدائه أيضا بابتسامة شع سناها كما البرق علي كل الوجوه، ثم إرتاض نفسه علي مضمار داخلي، للمشي الي الموت مشيا، لا مكبا علي وجهه، بل سويا علي صراط مستقيم، مستوفيا كل موجبات وأشراط التعامل مع لحظته الحاضرة الأخيرة، لحظة التقائه بالموت وجها لوجه، بكامل البهاء، والجلال، والجمال. إذ ليس في الحقيقة ثمة "محمود" آخر الي الآن علي الأقل، نستطيع أن نؤرخ بموته أو بحياته، لرمزية خروجنا من هذا التيه الماثل. وللحقيقة فإن قصة هذا الرجل مع السودان، قصة لا بداية لها، ولا نهاية. إنه كما قال د. منصور خالد: "رجل لكل الفصول". بل ربما لخاصية إنتمائه وتأثيره علي كل الفصول، فإنه كان أول من قرأ لنا أحوال الطقس والمناخ في السودان قبل حلول فصل الحكم "...

أبية الريح - فراغ على حافة الوجود

صورة
سقطتُّ، لكنني لم أهبط سقطتُ، لكن الأرض ليست هي ما أسقطني كانت السماء أبعد من أن تمسني أطيافها تلاحقني لكنها لا تقرأ ما كتبتُ من قبل. قلتُ، هناك حيث يلتقي العدم بين اللامكان واللاوجود هناك يُسدل الستار على أُفُقٍ ضائع على لحظةٍ مشوهة وكلما توسلتُ للبقاء كنتُ أبتعد أكثر. ما الذي جعلني أركض في هذا الفراغ؟ هل هو الحنين أم الخوف؟ هل هو الزمن الذي لا يُرى أم هو الذكريات التي تُطاردني كظلٍ ميتٍ في الزمان المفرغ؟ أنتِ لا تدركين أن الخطوة القادمة هي التي ستسحبكِ نحو الجرح القديم. تركتُ هنا صوتًا لا يتوقف لا أستطيع تهدئته أتعلمين؟ حتى الفم لا يستطيع أن يعبر عن التهدم الذي يحيطني فأنتِ هنا ولا مكان لكِ هناك وأنتِ هناك ولا شيء يفصلنا سوى لحظة وهم. تُرى، هل الحياة كالماء؟ تسرب بين الأصابع وتخلف الجفاف في القلب؟ أم أننا فقط نتنفس السراب ونظن أن الوجود هو ما نراه؟ أما زلتِ تظنين أن كل شيءٍ هنا له معنى؟ ألم تسألي نفسك يومًا لماذا تلعنكِ الأجوبة؟ لماذا تمسكِ الشظايا حين تكون اليد فارغة؟ ماذا لو كان الأمر كله لعبة؟ ماذا لو أني لستُ موجودة هنا؟ سأظل أفقدني وأجدني مجددًا في تلك الدائرة المغلقة التي تسحبني...

أبية الريح - انت الموت

صورة
أنت الموت الذي لا يستطيع أن يحيا بي أقبض على غيمةٍ ، أتنفس بحريةٍ رغم أن زهراتك قد ذبلت في خيالاتي وبقيت مثل الطين في أغوار الذاكرة، تسحبني الرياحُ إليك، حيث لا أرى.  الصمت الذي يلتف حول كل شيء بينما في داخلي، يسكن البرق كلما لمستني، تحطمت أضلعي لكني ألتقطها في صمت أبحث عن نفسي في زوايا القمر تحت جثثٍ من ضوءٍ يبتعد. أنت الموت الذي لا يستطيع أن يحيا بي  حبرٌ يُكتب في فراغٍ لا ينسى هل كنتَ مجرد صورة في مرآةٍ مهشمة؟ أم أنني سرقتك من بين ذرات الريح كي أهرب منك إلى ما لا نهاية؟ أنا منك وأنت فيني  ولكن لا تلمسني أبحث عنك في أطياف الليل وأكتشف أنني كنتُ ضوءًا قُتل قبل أن يولد. أتحسس جسدي في الظلال وأجد أنني لستُ هنا في المكان الذي لا يتسع لأي شيء. أنت الموت الذي لا يستطيع أن يحيا بي كيف أسيرُ دون أن أرى خطواتي؟ أدرك أنني قد حُبست بين أصابعك أقف، والبحر يبتلعني في صمته بينما صوتي يزهر في سماءٍ لا تلامسها الرياح. لماذا أنت هنا؟ أم أنني قد أتيتُ إليك بلا أقدام؟  الكتابة التي لا تنتهي وكل حرفٍ يلدُ حزنًا أبحث عنك في العدم بينما تذبل روحي على ضفافك. أنت الموت الذي لا يستطيع أن ي...

أبية الريح - همسة

صورة
  همسة رماها الله  في أذن الريح  تخصُّ الماء  حين يلتف  حول جذع شجرة تخصُّ الغيم  حين يتماهى  مع المدى جزء  من كل ما يُعانق  ولا يؤذي. حنينة كعصفور  يوقظ جناحيه  في غربة الشتاء حضن  لا يختبئ  فيه الألم  رفقة تفهم  أن العناق ليس جسدا  يضم جسدًا بل غيمة  تحتضن القمم   وتذوب. قفزة  من النور  إلى النور لا خوفًا  من الظل بل حنينًا  لما وراءه. أنا أُصغي لها  حين تنادي  المخلوقاتِ  الهامسة النمل  يُزيّن الأرض  الشجر يصلي  في  صمت جذوره والغزلان   ترتعش  بين خوف  وحرية. تمس  أجنحة  الفراشات تُلقي السلام على  أسراب الطيور وتتوسد  عيون الكائنات  التي تُقيم  في الهامش كأنَّ  في كل مخلوق قبسًا  من الله يناديها. العناقُ  ليس فعلًا هو استسلام  يليق  بالأرواح  الطليقة.  تُضمد الجراح  تُعانق  أطياف الحقيقة  تنسجُ  خيوطًا  من الحنين تجلس   على...

أحمد عبد الوهاب - من العائدين

صورة
مدخل  أتى العيد و حالنا كحال ابي تمام الذي يقول: (بالشام اهلي و بغداد الهوى و انا بالضفتين و بالفسطاط اخواني)  النص:  من العائدين دار جدي  من العائدين خلوتنا تفقد راتب المهدي ... من العائدين يا أهلي و من أهوى  في حلفا و في كسلا  شواء العيد و لمة الصحبة  دعوات أماتي  من العائدين و الخوف و الأحزان بساط في حوارينا  من العائدين والأحباب قد رحلوا... من العائدين لا فرح و لا عرس يسلينا أتى العيد لا عمار و فطومة لا عيدية و لا حلوى و لا لبسة .... من العائدين ... و لا حمزة في خطبة العيد يشجينا و يتحفنا ويوعظنا .... من العائدين و صوت المدفع يرعبنا و يفزعنا طيران يضرب مدارسنا و كلاب تسرق حلاوتنا   و تلبس ملابسنا و ترقد في اسرتنا ... من العائدين .. أشجار النيم أصفرت من فراق جلستنا  من العائدين رمال حلتنا  ضحكات جلستنا  من العائدين قهوتنا  من العائدين اراك حلتنا من العائدين مدارسنا  ميادين الأنس و الطرب صارت مقابر لموتانا  و بقايا المدفع المحروق  من العايدين زملائي في المكتب لا منحة ولا صرفة و لا مرتب من العا...

في حوار الشعر والصحافة مع المبدع عبدالعال السيد

صورة
الغربة أصبحت نهراً في دمي ولست نادماً على غربتي ليس هنالك مصطلح يسمى أغنيات هابطة حوار: رحمة عبد المنعم عبدالعال السيد شاعر كبير صاحب مفردة جاذبة وحروف ناصعة يجيد الرسم بالكلمات وبارع في هندمة المفردات، قدم الكثير من الروائع الخالدة في وجداننا، فكانت (إنت المهم) و(الدنيا ليل غربة ومطر) و (بعد ماعز المزار)… إلخ. يقيم شاعرنا الكبير عبدالعال السيد في المملكة العربية السعودية منذ سنوات، يجمع مابين الكتابة الصحفية والشعرية فتجد غالبية أشعاره بها شوق لا يفتر وعشقاً لا يفنى، وقد رفد ساحة الغناء السوداني بالعديد من الأغاني.. ويقولون دائماً إن محاورة أسياد الكلام أمر صعب، لكن (السوداني) جمعت الأسئلة وطرحتها على عبدالعال في حوار الشعر والصحافة: * (الدنيا ليل غربة ومطر).. ومازلت في غربتك.. متى تعود؟ نعم ما زالت الدنيا ليل غربه ومطر وستظل كذلك ولا أتصور أنه بعد هذه السنين في (غربتي المزمنة) يمكن أن أعود وأتصالح مع إيقاع الحياة في السودان، ومثل هذا السؤال سئلت عنه كثيراً؛ ولكن دوماً أردد مقولة صديقنا الروائي والصحافي السعودي عبد خال (ليس هناك ما يبهج)؛ كما جاء في مجموعته القصصية. * هل فاض بك الحنين...